فصل: عمال السفاح.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.عمال السفاح.

ولما استقام الأمر للسفاح ولى على الكوفة والسواد عمه داود بن علي ثم عزله وولاه على الحجاز واليمن واليمامة وولى على الكوفة عيسى ابن أخيه موسى بن محمد ثم توفي داود سنة ثلاث وثلاثين فولى مكانه على الحجاز واليمامة خالد بن زياد بن عبيد الله بن عبيد وعلى اليمن محمد بن يزيد بن عبيد الله بن عبد وولى السفاح على البصرة سفيان بن معاوية المهلبي ثم عزله وولى مكانه عمه سليمان بن علي وأضاف إليه كور دجلة والبحرين وعمان وولى عمه إسمعيل بن علي الأهواز وعمه عبد الله بن علي على الشام وأبا عون عبد الملك ابن يزيد على مصر وأبا مسلم على خراسان وبرمك على ديوان الخراج وولى عمه عيسى بن علي على فارس فسبقه إليها محمد بن الأشعث من قبل أبي مسلم فلما قدم عليه عيسى هم محمد بقتله وقال أمرني أبو مسلم أن أقتل من جاءني بولاية من غيره ثم أقصر عن قتله واستحلفه بأيمان لا مخارج لها أن لا يعلو منبرا ما عاش ولا يتقلد سيفا إلا في جهاد فوفى عيسى بذلك بقية عمره واستعمل بعده على فارس عمه إسمعيل بن علي واستعمل على الموصل محمد بن صول فطرده أهلها وقالوا: بل علينا تولى خثعم وكانوا منحرفين عن بني العباس فاستعمل السفاح عليهم أخاه يحيى وبعثه في اثنتي عشر ألفا فنزل قصر الإمارة وقتل منهم اثنتي عشر رجلا فثاروا به وحمل السلاح فنودي فيهم بالأمان لمن دخل المسجد فتسايل الناس إليه وقد أقام الرجال على أبوابه فقتلوا كل من دخل يقال: قتل أحد عشر ألفا ممن لبس وما لا يحصى من غيرهم وسمع صياح النساء بالليل فأمر من الغد بقتل النساء والصبيان واستباحهم ثلاثة أيام وكان في عسكره أربعة آلاف من الزنوج فعانوا في النساء وركب في اليوم الرابع وبين يديه الحراب والسيوف فاعترضته إمرأة وأخذت بعنان دابته وقالت له: ألست من بني هاشم؟ ألست ابن عم الرسول؟ أما تعلم أن المؤمنات المسلمات ينكحهن الزنوج؟ فأمسك عنها وجمع الزنج من الغد للعطاء وأمر بهم فقتلوا عن آخرهم وبلغ السفاح سوء أمره في أهل الموصل فعزله وولى مكانه إسمعيل بن علي وولى يحيى مكان إسمعيل بالأهواز وفارس وملك الروم ملطية وقاليقلا وفي سنة ثلاث وثلاثين أقبل قسطنطين ملك الروم فحصر ملطية والفتن يومئذ بالجزيرة وعاملها يومئذ موسى بن كعب بن أسان فلم يزل حاصرهم حتى نزلوا على الأمان وانتقلوا إلى بلاد الجزيرة وحملوا ما قدروا عليه وخرب الروم ملطية وسار عنها إلى مرج الحصى وأرسل قسطنطين العساكر إلى قالقيلا من نواحي ماردين مع قائده كوشان الأرمني فحصرها وداخل بعض الأرمن من أهل المدينة فنقبوا له السور فاقتحم البلد من ذلك النقب واستباحها.

.الثوار بالنواحى.

كان المثنى بن يزيد بن عمر بن هبيرة قد ولاه أبو علي اليمامة فلما قتل يزيد أبوه امتنع هو باليمامة فبعث إليه زياد بن عبيد المدن بالعساكر من المدينة مع إبراهيم بن حبان السلمي فقتله وقتل أصحابه وذلك سنة ثلاث وثلاثين وفيها خرج شريك بن شيخ أسحارا على أبي مسلم ونقض أفعاله واجتمع إليه أكثر من ثلاثين ألفا فبعث إليه مسلم زياد بن صالح الخزاعي فقاتله وقتله وفيها توجه أبو داود وخالد بن إبراهيم إلى الختل فتحصن ملكهم ابن السبيل منهما ومنعه الدهاقبن فحاصره أبو داود حتى جهد الحصار فخرج من حصنه مع الدهاقين ولحق بفرغانة ثم سار منها إلى بلد الصين وأخذ أبو داود من ظفر به في الحصن فبعث بهم إلى أبي مسلم وفيها الفتنة بين إخشيد فرغانة وملك الشاش واستمد الإحشيد ملك الصين فأمده بمائة ألف مقاتل وحصروا ملك الشاش حتى نزلوا حكم ملك الصين فلم يعرض له ولا لقومه بسوء وبعث أبو مسلم زياد بن صالح لاعتراضهم فلقيهم على نهر الطراز فظفر بهم وقتل منهم نحوا من خمسين ألفا وأسر نحوا من عشرين ألفا ولحق بهم بالصين وذلك في ذي الحجة سنة ثلاث وثلاثين ثم انتقض بسام بن إبراهيم ابن بسام من فرسان أهل خراسان وسار من عسكر السفاح وجماعة على رأيه سرا إلى المدائن فبعث السفاح في أثرهم خازم بن خزيمة فقاتلهم وقتل أكثرهم واستباحهم وبلغ ماه وانصرف فمر بذات المطامير وبها أخوال السفاح من بني عبد المدان في نحو سبعين من قرابتهم ومواليهم وقيل له إن المغيرة من أصحاب بسام عندهم فسألهم عنه فقالوا مر بنا مجتازا فهددهم إن يأخذه فأغلظوا له في القول فقتلهم أجمعين ونهب أموالهم وهدم دورهم وغضب اليمانية لذلك ودخل بهم زياد بن عبيد الله الحرثي على السفاح وشكوا إليه ما فعل بهم فهم بقتله وبلغ ذلك موسى بن كعب وأبا الجهم بن عطية فدخلا على السفاح وذكراه سابقة الشيعة وطاعتهم وأنهم آثروكم على الأقارب والأولاد وقتلوا من خالفكم فإن كان لا بد من قتله فابعثه لوجه الوجوه فإن قتل فهو الذي تريد وإن ظفر فلك بعثه إلى الخوارج الذين بجزيرة ابن كاوان من عمان مع شيبان بن عبد العزيز اليشكري فبعث معه سبعمائة رجل فحملهم سليمان بن علي من البصرة في السفن وقد انضم إليه من أهله وعشيرته ومواليه وعدة من بني تميم من البصرة فلما أرسوا بجزيرة ابن كاوان قدم خازم فضلة بن نعيم المنشلي في خمسمائة إلى شيبان فانهزم هو وأصحابه وكانوا صفرية وركبوا إلى عمان فقاتلهم الجلندي في الإباضية فقتل شيبان ومن معه كما مر وشيبان هذا غير شيبان بن سلمة الذي قتل بخراسان فربما يشتبهان ثم ركب خازم البحر إلى ساحل عمان فنزل وقاتل الجلندي أياما أمر خازم أصحابه في آخرها أن يجعلوا على أطراف أسنتهم المشاقة ويدوروها بالنفط ويشعلوها بالنيران ويرموها في بيوت القوم وكانت من خشب فلما اضطرمت فيها النار شغلوا بأهليهم وأولادهم عن القتل فحمل عليهم خازم وأصحابه فاستلحموهم وقتل الجلندي وعشرة آلاف فبعث خازم برؤسهم إلى البصرة فبعثها سليمان إلى السفاح فندم ثم غزا خالد بن إبراهيم أهل كش فقتل الأخريد ملكها وهو مطيع واستباحهم وأخذ من الأواني الصينية المنقوشة المذهبة ومن الديباج والسروج ومتاع الصين وظرفه ما لم ير مثله وحمله إلى أبي مسلم بسمرقند وقتل عدة من دهاقين كش وملك طازان أخا الأخريد على كش ورجع أبو مسلم إلى مرو بعد أن فتك في الصغد وبخارى وأمر ببناء سور سمرقند واستخلف زياد بن صالح على بخارى وسمرقند ورجع أبو داود إلى بلخ ثم بلغ السفاح انتقاض منصور ابن جمهور بالسند فبعث صاحب شرطته موسى بن كعب واستخلف مكانه على الشرطة المسيب بن زهير وسار موسى لقتال ابن جمهور فلقيه بتخوم الهند وهو في نحو اثني عشر ألفا فانهزم ومات عطشا في الرمال ورحل عامله على السند بعياله وثقلته فدخل بهم بلاد الخزر ثم انتقض سنة خمس وثلاثين زياد بن صالح وراء النهر فسار أبو مسلم إليه من مرو وبعث أبو داود خالد بن إبراهيم نصر بن راشد إلى ترمذ ليمنعها من زياد فلما وصل إليها خرج عليه ناس من الطالقان فقتلوه فبعث مكانه عيسى محمد ماهان فسمع قتله نصر فقتلهم وسار أبو مسلم فانتهى إلى آمد ومعه سباع ابن النعمان الأزدي وكان السفاح قد دس معه إلى زياد بن صالح الأزدي أن ينتهز فرصة في أبي مسلم فيقتله ونمي الخبر إلى أبي مسلم فحبس سباعا بآمد وسار عنها وأمر عامله بقتله ولقيه قواد زياد في طريقه وقد خلعوا زيادا فدخل أبو مسلم بخارى ونجا زياد إلى هقان هناك فقتله وحمل رأسه إلى أبي مسلم وكتب أبو مسلم إلى أبي داود فقتله وكان قد شغل بأهل الطالقان فرجع إلى كش وبعث عيسى بن ماهان إلى بسام فلم يظفر منها بشيء وبعث إلى بعض أصحاب أبي مسلم يعيب أبا داود عيسى فضربه وحبسه ثم أخرجه فوثب عليه الجند فقتلوه ورجع أبو مسلم إلى مرو.